تدوينات تونسية

أشياء تثير حيرتي في بلادنا

نضال السالمي
لستُ واعظا أخلاقيّا و لا زعيم طريقة ولا منظّر فلسفي ولا شيخ ديني ولا قائد جماعة.. ولكن أمور كثيرة لا أعارضُها فقط بل هي تُثير حيرتي حقّا بمعنى أنّه بقطع النّظر عن موقفي منها فالأساسي هنا أنّي أجد نفسي كلّ مرّة إزاء حيرة فلسفيّة عميقة حول أسبابها ودلالاتها ومآلاتها.. ومنها على سبيل المثال :
1. ذوي الخطاب السياسي الّذي لا يحتوي غير كميّات سوداء من الحقد الأسطوري.. من أمثال الزّغيدي وبن عثمان وجماعة الوطد والقصوري وبن بريك.. إلخ.. هؤلاء : ما هو المسار الوجودي الّذي سلكوه ليصلوا إلى هذه الهاوية السّوداء ؟؟ كيف يتجمّع حولهم النّاس ؟؟ كيف يعيشون حياتهم الخاصّة بمثل تلك القلوب النّتنة ؟؟ لماذا لا تقوم الدّولة بعلاجهم نفسيّا ؟؟
2. الفتيات المتحرّرات لباسا وكلاما وسلوكا.. ومنهنّ من تحاول الإرتماء في أحضان المطربين المشهورين أمام الكاميرا (رأيت كثيرات يعانقن الوضيع “سعد المجرّد” الموقوف الآن في باريس في قضية آغتصاب ومخدرات وعنف).. هؤلاء المسكينات : هل حولهنّ رجال ؟؟ لهنّ آباء وأمّهات ؟؟ هل هنّ واعيات بما يفعلن ؟؟ هل يملكن فلسفةً ما لتبرير توجّهاتهنّ بحيث يمكنني الدّخول معهنّ مثلا في نقاش عميق وحضاري حول معنى الإنسان وأسباب الوجود وحفريّات القيم.. نقاش ينتهي بالإحترام المتبادل ؟؟.. لماذا إذن لا تقوم الدّولة بإدخالهنّ إلى مراكز إجتماعية ونفسيّة لمحاولة إعادتهنّ إلى صميم الوعي بعظمة الإنسان وأهوال الوجود ؟؟
3. النّساء المُلعلعات والمُلبلبات (المعنى : مرا تلعلع وتلبلب) وهي ظاهرة تونسية.. حيث تنتشر في كل مكان.. في الشوارع والإدارات والإعلام والبيوت نساء بلا ظابط أخلاقي أو جمالي.. فنراهنّ يصرخن على الرجال.. ويتحكّمن بالرجال.. ويتشدّقن بالمساواة والحريّات.. آآآخ كم أتقزّز من ذلك وليس أساسا لأسباب أخلاقيّة بل جوهريّا لأسباب جماليّة : كيف تكون الأنثى هكذا ؟؟.. إنّ ذلك يرسم في ذهني صورة بشعة جدّا لآنهيار الأنوثة والّتي بآنهيارها ضاع العالم.. أولئك النّسوة : هل هنّ متزوّجات ؟؟ هل يقدر الرّجال أن يناموا معهنّ على نفس السّرير وفي نفس الغرفة ؟؟ هل يقدر الرجل -أيّ رجل- أن لا يخون زوجةً كتلك ؟؟.. ما الّذي أدّى بهنّ إلى هناك ؟؟ هل يبكينَ سرّا فقدانهنّ المأساوي لروحانيّة الأنوثة.. ؟؟ هل لا يزال علاجهنّ النّفسي ممكنًا ؟؟
4. الرّجال المتزلّفين للنّساء علنا.. لا أتحدّث عمّا يدور بين الحبيب وحبيبته حين يكونا لوحدهما.. ولكن ظاهرة التقرّب العلني والمديح الكاذب والتذلّل المكشوف.. في الواقع أو حتى في الفايسبوك : ظاهرة مقزّزة جدّا.. تجعل الرّجولة في موقف رخو وذابل ومنحطّ.. وأنا لا أرفض أن يكون الرجل في الخلوة والسرّ أسير الحب والأنوثة والجمال.. لكن حين يكون مكشوفا أمام العالم فإنّ الرّجولة تقتضي شيئا من الكبرياء والأنفة والقوّة والهيمنة مع بريق من الرقّة والبشاشة والكرم الروحي والسموّ الأخلاقي..
يقول أستاذي التاريخي في الفلسفة : “لعلّ الرّجولة هي هذه المزاوجة العجيبة بين رقّة القلب وصلابة الموقف”.
5. تقزّزني النّخبة الرسميّة وأرثي لحال النّخبة الثوريّة فالأولى فاسدة تماما والثّانية عاجزة إطلاقا.. تصوّروا أنّ خمس سنوات من البرامج الإعلامية وذاك الكمّ الخرافي من الثّرثرة السياسيّة.. وذاك الكمّ الهائل من الكتابات الصحفيّة والفايسبوكيّة.. دون أن يتبلور لدينا أيّ بديل واضح.. خارطة طريق.. أفقٍ ما.. حلول مختلفة.. رؤوس أفكار عن واقع جديد.. بل مجرّد دائرة عدميّة عن نفس المواضيع والأساطير والخرافات حتّى تحوّل الفعل السياسي إلى فعل عبثي وجنوني بل إلى تصدّع نفسي خطير..
هذه النّخبة.. تحتاجُ إلى نخبة.
#بلاد_الشّعوذة_نخبةً_و_شعبًا

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock