تدوينات تونسية

سِتُّ قِيمٍ سَمحَةٍ، أحببتُ الإسلامَ لأجلها

محمد كشكار
حديثٌ شاركتُ به في المقهى، اليومَ صباحًا: سِتُّ قِيمٍ سَمحَةٍ، أحببتُ الإسلامَ لأجلها، وللأسف الشديد لم يطبقها جل المسلمين طيلة أربعة عشر قرنًا! مواطن العالَم د. محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا (La Didactique de la Biologie).
1. شهادة “لا إله إلا الله” هي بمثابة بيانٍ أسس لتحرر الإنسان من كل سلطة لبشر على بشر مهما كان موقع الأول والثاني في المال أو الجاه أو النسب أو العرق أو العلم أو الأخلاق.
2. لا وساطة بين الخالق والمخلوق حتى للرسول محمد نفسه، صلى الله عليه وسلم، فما بالك بالبشر الآخرين.
3. “العن المعصية ولا تلعن العاصي”، المعصية ثابتة الضرر للعاصي نفسه قبل الآخرين، أما العاصي فهو بشرٌ خطّاءٌ بطبيعته، والله غفورٌ رحيمٌ، ورحمته وسِعت الأرضَ ومَن عليها، وبابُ التوبةِ مفتوحٌ لآخر ثانية في الحياة. أفقُه وعفوُه، سبحانَه، واسعانِ جدا وجل الفقهاء ضيقوا فيهما دون رخصةٍ منه ولقِصرٍ في نظرهم.
4. قِمّة المحبة والتسامح: كان سيدنا إبراهيم الخليل لا يتعشى حتى يمر عابر سبيل يشاركه طعامه. قدِم يومًا عابرُ سبيل، أكل وشرب ثم طلب من إبراهيم أن يوقد له نارا ففعل. قام الضيف يصلي للنار فنهره النبي وطرده قائلا: أتُعبدُ النارُ في بيت الخليل؟ كلّمه الله مربيا: يا إبراهيم كم عمر هذا الضيف؟ قال: ستون سنة. قال: تحملته أنا ستون سنة ولو شئتُ لقبضتُ روحَه، ولم تستطع أنت أن تتحمله ليلة واحدة! ما أروع هذه الحكمة الإلهية لو أخذ بها وطبقها دعاة الدين الجدد.
5. قِمّة الصبر على الملحِدِ وكرم إمهاله دون إهماله: الفيلسوف الفرنسي المسلم حديثًا روجي ڤارودي (1913- 2012) أسلم وعمره تسعة وستون عامًا بالضبط. زنديق (hérétique) من أب ملحدٍ وأمُّ أمّه مسيحية كاثوليكية ورِعة، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفرنسي ونائب عنه (1933-1970 سنة فصله من الحزب)، كتب رسالة دكتوراه حول المادية (Théorie matérialiste de la connaissance, Sorbonne, 1953)، اعتنق البروتستنتية والكاتوليكية ثم الإسلام سنة 1982. أهَدَيْتَه أنتَ أم الله هداه؟ ونحن في تونس نكفّر مَن يشرب حارة بيرّة في شبابه!
6. قِمّة النصحِ بـ”التي هي أحسن”: في حضور الرسول صلى الله عليه وسلم، دخل رجلٌ وتَبَوَّلَ في مسجده. لم ينهره ونهى أصحابه عنه. تعلم المخطئ من أخلاق الرسول. تخيلوا اليوم لو دخل أجدٌ مسجدا في تونس وفعلها، فكيف سيكون رد فعل المصلين وما عساهم به فاعلون؟ أأنتم أحرص من الرسول على بيوت الله؟
خاتمة: أركانُ الإسلام خمسةٌ، لكنها لو رُفِعت على أرضية غير أرضية التقوى، فوجودها كعدمه أو أنْكَى!
إمضائي
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا واقتداء بالمنهج العلمي أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
“وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر” (جبران)
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الثلاثاء 1 نوفمبر 2016.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock