تدوينات تونسية

هل تتجه حركة النهضة نحو التهرّم ؟

الشباب/الأحزاب/الإرهاب

ربما سارع كثير من المراقبين نحو الإجابة بـ”نعم” وهم يشاهدون دون عناء أن أغلب الإجتماعات يغلب عليها الشيوخ والكهول من أبناء الجماعة الاسلامية والإتجاه الإسلامي وأن حضور الشباب ضعيفٌ وغير فاعل رغم انفتاح الحركة على الطاقات الشبابية والعزائم الناشئة.

هل يعود السبب إلى كون الشباب عزف عن السياسة ولم يعد منشغلا بالشأن العام؟ أم هل لأن الشيوخ والكهول استولوا على مختلف المناشط والمنابر ولم يتركوا للشباب من فرصة للظهور والمشاركة كما يردد كثير من شباب الفايسبوك؟.

لا أجد ميلا للإجابتين وليس ثمة ما يرجح مثل تلك الاحتمالات فالشباب عادة لا ينتظر أن تُفسح له المجالات إنما يسعى إليها ويقتحمها ويحتل فيها مكانته باقتدار.

ـ حركة النهضة وهي حزب سياسي يريد أن يكون عصريا يمارس السياسة بطرائق مدنية حداثية هي أيضا حركة ذات منشأ عَقدي وتتحرك ضمن فضاء ثقافي حضاري بنزوعه العربي الإسلامي بالتأكيد وهي بسبب ذلك حظيت وتحظى بثقة الناس وتتصدر المشهد وتربح في الانتخابات… ولكنها وبسبب الخيط الرفيع الفاصل بين أي شكل من أشكال “التأسلم” وبين شُبهة الإرهاب وجدت نفسها مُكرهة على إعلان براءتها من التشدد ثم من الإخوان ثم أخيرا من صفة “الإسلامية” وظل قادتها وبشكل مبالغ فيه ينددون بالإرهاب ويجعلون مقاومته في أولويات الحركة والحكومة ومنعهم من تقديم أي إشارة بخصوص ضرورة مراعاة حقوق الموقوفين في التحري والتدقيق وفي مرافقة رجال القانون والحقوقيين.

الحرب على الإرهاب في تونس تشهد تسريعا في نسقها وحملات الاعتقال للشباب على أشدها هذه الأيام وكثير من الشباب لم تثبت عليه تهم الممارسة وإنما للاشتباه أو لتدوينات فايسبوكية أو لما يُفهم منه إشادة بالإرهاب وهذا ما نطالعه في الصحف أو نسمعه في الإذاعات.

نحن بالتأكيد ضد الإرهاب بما هو خِيارٌ منظم ومتطرف ومسلح لتغيير معتقدات الناس وطبيعة الحكم ونمط عيش الناس ومن حق وواجب الدولة التعامل معه بما تُقدره من أساليب ناجعة حرصا على أمن المواطنين وسلامة الوطن.

ولكن يُخشى أن يؤدي منهج “التوقي” من الإرهاب إلى “الإفراط” في التضييق على الشباب خاصة حين لا يكون بين الأمنيين متخصصون في الفكر الديني يُقدّرون درجة الاعتدال أو التطرف أو حين لا تكون تلك الإيقافات ومراحل البحث والتحقيق بحضور رجال القانون والحقوقيين حماية لمدنية الدولة ولحقوق الإنسان ومنعا لكل أشكال التجاوز أو الإدعاء بالباطل على أعوان الأمن.

في هذا “الطقس” “المَخُوف” لن يكون الشباب إلا متوجسا من الاقتراب من أي حزب ذي “مِسحة” دينية مخافة أن تطاله “شبهة” التطرف.

وفي هذه الحال فإما أن يبتعد الشباب عن حركة النهضة ـ وهو ما يأمله خصومها ويخططون له ـ وإما أن يقترب منها كثيرٌ ممن “تحتاجهم” كرصيد بشري دون أن يكونوا حُجّة عليها ولذلك لن تكون صارمة معهم في مسألة التدين والاستقامة السلوكية… سيكون خطرا كبيرا انفتاح حركة مناضلة على فئة من شباب “انتهازي” ممن ليسوا أصحاب قضايا ولا أصحاب أفكار ومعانٍ وإنما أصحاب مصالح وطموحات شخصية لن يترددوا في الاصطفاف حيث مصالحهم وحيث منافعهم وحيث مدارج التسلق ـ هل هي ضريبة العمل العَلني؟ ـ.

إن من “يُستخدم” في داخل “الخيمة” يُستخدم خارجها والذين تسوقهم المصالحُ نحو جهة تنقلهم المصالح الأكبر إلى الجهة الأكثر سخاءً.

ما العمل؟ من المهم طرح الأسئلة وكشف المخاطر وتلك خطوة مهمة لعلها أهم من تقديم الإجابة.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock