تدوينات تونسية

من “تفريب” الجسد الى “تفريب” الوعي

تاريخيا عرف التونسيون ظاهرة الملابس المستعملة المستوردة المعروفة بالروبافيكيا / الفريب، زمن الاحتلال الفرنسي الذي عمل من خلالها على تحطيم المنتوجات المحلية واكتساح المجال السيادي للّباس المحلي (الوطني)…
تواصل الأمر زمن دولة بورقيبة عندما كانت تنظم حملات “أخي حسنّ هندامك”، وتعليق صور تتضمن رجلا يلبس جبة وبلْغة وشاشية مشطوبة وبجانبها رجل بكسوة افرنجية.. والهجمة على السفساري… والحملات المنظمة في المسلسلات للسخرية من الريفيين وألبستهم، فلطالما تم الغمز واللمز للسخرية ممّن تلبس أمهاتهم “المَلْيَة”…. ولم تنفع فلكلورية “بنعلي” لاحقا بتخصيص ما سمّي باليوم الوطني للباس، فقد كان تأكيدا لاستثنائية الاستعمال..
تداول خبر أو اشاعة، تدخل #وداد_العمايل لاجبار الحكومة على ايقاف توريد الروبافيكيا، ليس مردّه مشروعا وطنيا يحمي منتوجات السوق المحلي، ولا مشروعا حضاريا يردّ الاعتبار لمفردات السلوك اللباسي المحلي وما يمثله من رصيد رمزي ثقافي… وليس مرده دفع التونسيين الى ارتداء الماركات العالمية التي تتكفل بترويجها باِعتبارها كمبرادورا وضيعا، فالتونسيون “على الحديدة” منذ اقحامهم عنوة في سوق عولمية لا ترحم… واِن أكثروا من “التفشفيش” الاستهلاكي الاستعراضي…
ـــــــــــــــــــــ حديث وداد النمط عن منع توريد “الفريب” كحديث شيخ التوافق عن منع توريد الموز في جمهورية الموز..
(“تفريب الوعي”: عبارة من اجتراح الفنان والصديق، أحمد الحمدي).

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock