تدوينات تونسية

“قطع الطريق” من أجل “المتحيلين”

أم “الوحدة على قاعدة الانتقال”… أيهما كان أشرف ؟
(فضائح العصابة المتناحرة ومسؤولية من دعمها)
.
الحبيب بوعجيلة
.
منذ بدايات تشكل العصابة الندائية أواسط 2012 كان واضحا “لمن ألقى السمع وهو بصير” أن الامر يتعلق بحلقة أخرى لإجهاض مسار انتقال حقيقي حتى لا يتشكل مشهد سياسي جديد تتنافس فيه فقط القوى الديمقراطية النظيفة على مفردات مشروع وطني جامع يقطع مع المنظومة البورقيبونوفمبرية التي استنفذت أغراضها ولم يعد من الممكن ترميمها أو رسكلتها ولولا ذلك ما كان سقوطها الدراماتيكي بهروب رأسها وتصدع شقوقها.
.
رغم أن حكم الترويكا بهيمنة النهضة لم يكن الوضع المثالي المرجُو في سياقات التأسيس ورغم سوء اختيار المسؤولين في منظومة 23 أكتوبر 2011 ورغم غياب البرنامج الثوري الديمقراطي بين مكوناتها التي امتلأت بالحمقى والانتهازيين والمتسلقين… إلا أننا كنا نرى هذا الحكم وقتها (بقيادة النهضة كحزب مهم في مقارعة الاستبداد ومشاركة زعيمين ديمقراطيين هما المرزوقي وبن جعفر) يمكن أن يكون نواة لكتلة تاريخية وطنية ديمقراطية جامعة لكل من اشتركوا سابقا في مقارعة الاستبداد لاستكمال مسار تفكيك قوى الردة والعصابة الانتهازية التي بدأت ملامحها تتشكل حول قايد السبسي وبدعم واضح من مال اللوبيات المتناسلة من رحم المنظومة المتصدعة وبتوجيه ممنهج من اعلام بن علي المرسكل.
.
لم نكن نعلم وقتها ان كان فشل الترويكا في التفاوض مع شركاء مقاومة الاستبداد (الشابي والهمامي) سببه قوة وذكاء شقوق المنظومة المتصدعة والدول الحليفة لها في منع الالتئام بين قوى المعارضة الوطنية السابقة أو ان سببه غرور وتغول النهضويين في سياق احساس الاسلام السياسي العربي وقتها بقدرته على الانفراد بالحكم أو أن سببه الطفيليات الانتهازية التي تسربت وسط الحزبين الشريكين للنهضة لمنع التوسع في توزيع الكعكة.
.
كل ما كنا نعلمه أن التمسك بأرضية “السيء” أسلم من دعم جبهة “الأسوأ” وأن كل خضوع أو تحالف مع العصابة التي بدأت تتشكل وأن كل تقوية لها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة سيكون خرابا للبلاد كلها… ثم كرت السبحة وسالت الدماء وخُرب الاقتصاد وكُرهت الثورة في قلوب الناس وتدفقت الأموال الفاسدة واشتُريت ضمائر الاعلاميين وأشباه المثقفين و”قطاع الطرق”… وتمكنت العصابة من الانتصار… وهاهي الآن بشقوقها تؤسس لأبشع مشهد سياسي فاضح سيكون فيه التداول على حكم البلاد بين لوبياتها مع من يريد التقرب منها أو التوافق مع أحدها. لن يكون لا لليسار الوطني ولا للاسلاميين ولا للعروبيين ولا لليبيراليين الوطنيين أي قوة إلا بالتعاطي مع أحد الشقوق.
.
تقف تونس اليوم على حافة الخراب أو بناء ديمقراطية الفساد وبعد الشروخ التي تعمقت بين القوى الوطنية التي اخترقتها جميعا الانتهازية والبراغماتية البائسة لن يكون من الممكن بعد الآن ترديد الكلام الشعري الممجوج حول “وحدة القوى الديمقراطية الاجتماعية” و”مقاومة الفساد” و”بناء الديمقراطية… هناك طبقة سياسية كاملة بجميع تياراتها ورموزها ستضمحل وتنتهي… وهناك دورة زمنية كاملة من الحرائق لابد من المرور بها…
من كان المخطئ ؟؟؟ من دعا الى الوحدة على قاعدة الانتقال أم من زين ودعم وقطع الطريق من أجل هذه الرداءات ؟؟؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock