تدوينات تونسية

همسة إلى السيد وزير التربية

نور الدين الغيلوفي
1. لستُ طرفا في المعركة الدائرة بينك وبين نقابتي التعليم اللّتين اجتمعتا على طلب رأسك.. ولست أرى لما يدور بين النقابيتين وبينك صلة بالتربية ولا بالتعليم.. والمعركة التي حميَ وطيسها بينكم لا أفهمها.. ولكنّني شاهدت حوارا لك مع مذيعة خاصّة بقناة تلفزيونية خاصّة أضافتك لتسمعك منفردًا.. ولمّا لم أجد من حديثك ما يفيد التربية وإصلاحها والتعليم وإنجاحه شعرت بأنّك إنّما تمكّن، بما تقول، خصومَك من براهين إدانتك…
2. أيّها الوزير، من أردا “المشاركة” و”التشاركية” تخلّى عن الـــــ(أنا).. ومن كانت الأنا غالبة على خطابه فلا معنى لتشاركية يدّعيها تلفّظًا.. ولا معنى لــ(نحن) تأتي وحيدة داخل غابة (الأنا)..
3. الإصلاح عمل تشاركيّ كما تقول.. والتشارك يقتضي أرضا يقف عليها المتشاركون مجتمعين لا مفترقين.. والتشارك يحتاج لغة واحدة يتحقّق بها التواصل بين المتشاركين.. والتشارك يستدعي أفقا مشتركا يرقبه المتشاركون.. ولكنك عندما تتكلّم يغيب شركاؤك وتحضر صراعاتك ويزداد تشنّجك ويتهدّج صوتك وتتلعثم عبارتك ويضعف منسوب ديمقراطيتك رغم قبولك اللفظي بالديمقراطيّة…
4. تحدّثت عن الأمانة.. والأمانة ثقيلة يشفق من حملها العقلاء ويأباه (حمل الأمانة) الفضلاء ويخشاه النزهاء.. والأمانة سؤال حارق لا يملك الإجابة عنه غير من كان حفيظا عليما قويّا أمينا.. إنها أمانة العقول.. وهي أمّ المعارك وسيّدة الثورات.. والعقول لا يجوز اختطافها ولا الاستيلاء عليها.. ولمّا حاول نظام المخلوع اختطاف المرفق التربويّ واتّخذ أبناء التونسيين رهائن لديه أنتج لنا صنفين قبيحين: صنفا متطرّفا أفسد الدين والدنيا وصنفا منحرفا خسر الدنيا والدين.. وتقهقر من بقيَ سليما من أبناء المدرسة التونسيّة.
5. النجاح ليس ادّعاء ولا عملا قوليا بل هو نفع يسري بين الناس.. والنفع يستحقّ وقتا يترجمه مثلما تحتاج الثمرة زمنا لتبلغ نضجها ويلذّ طعمها.. ولكنك تتعجّل تقويم نفسك في “طريق سيارة” تجري فيها وحدك وتقول فيها ما تشاء.. النجاح ليس “سينوج” تضعه أمّك في جيبك يا سيادة الوزير وإلّا لادّعى النجاحَ كلُّ من كانت له أمّ تحنو عليه وتضع له تميمة تنوي حمايته بها.. ولادّعاه كلّ من قال “أنا”.
6. الحديث عن النجاح ليس هو النجاح.. والحديث عن الإصلاح ليس هو الإصلاح.. والتربية شجرة أشبه بشجرة الزيتون تحتاج غراسة وحراسة وعناية وصبرا وسبرا وعلما وعملًا كثيرا وقولا قليلًا.. أمّا أنت فصوتٌ عالٍ وعملٌ لا نكاد نراه…
7. يا وزير التربية.. منظوروك يحتاجون أن يسمعوك تتكلّم اللغة العربيّة التي نصّ عليها دستور الجمهورية التونسيّة وليسوا مطالَبين بأن يقرأوا مصنّفاتك العديدة بلغتَيْ سيبويه وموليير.. تكلّم باللسان العربيّ ودع الخطّ للكتابة فاللفظ غير الخطّ يا أيّها الوزير…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock