تدوينات تونسية

مكر التاريخ وإكراهات الحاضر.. الصراع العثماني الوهابي

الحبيب بوعجيلة
(جولة في زوايا ماض لا يغيب)
في العام 1744 تأسست الدولة السعودية الأولى على يد محمد بن سعود بعد سلسلة من الحروب الأهلية في الجزيرة العربية الخارجة عن سيطرة الدولة العثمانية وقتها.
امتدت الدولة مع عبد العزيز بن محمد بن سعود وسعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود لأطراف اليمن والخليج العربي وفي العام 1803 بدأ غزو (الوهابيين) (سموا أنفسهم الموحدين) للحجاز مانعين الحج القادم من الدولة العثمانية ومسيطرين على سلطة العثمانيين بالحجاز رغم الحملات لإسترداد الحجاز رمز السلطة الدينية المعبر عن لقب الخليفة العثماني عبر ولاة العراق والشام ولكنهم فشلوا في ذلك.
في السادس من افريل 1818 وصلت قوات مصر بقيادة إبراهيم باشا (ابن محمد علي) للدرعية (عاصمة السعودية الوهابية) ففرض عليها حصارا استمر خمسة أشهر.
في سبتمبر من نفس السنة وبعد وصول سلمان أغا الشركسي وخليل باشا قائد الاسكندرية إكتملت القيادة الكبرى للجيش وأصدر إبراهيم باشا أمره بالهجوم النهائي قائلاً: (لا رجوع اليوم إما نحن او الدرعية).
في التاسع من سبتمبر 1818 إلتمس الوهابيون المفاوضات فوافق ابراهيم باشا وحضر عبد الله بن سعود وأقر بالهزيمة واستسلمت قواته بعد يومين آخرين ليدخل القائد إبراهيم باشا المدينة في 11 سبتمبر 1818 معلناً نصر قوات السلطنة وهزيمة الدولة السعودية والحركة الوهابية المعروفة باسم حركة التوحيد.
تم ارسال عبد الله بن سعود الى القاهرة ومنه للآستانة ومعه كبار معاونيه حيث تم اعدامهم.
وجاء في فرمان الاعدام “أمر صاحب الجلالة بأداء صلاة عمومية شكراً لله على انتصار سلاح السلطان وعلى إبادة الطائفة التي خربت مكة والمدينة ونشرت الذعر في قلوب الحجاج المسلمين وعرضتهم للخطر”.
من المهم استحضار العوامل الفكرية في الصراع العثماني الوهابي ونعني أهمية التصوف في الخلافة العثمانية الذي كاد يتحول الى المذهب الرسمي (البكتاشية والمولوية نسبة لجلال الدين الرومي والنقشبندية ومن تلاميذها حاليا اردوغان الذي سُجن من اجل قصيدة قباب ومدافع المولوية وعبد الله غل) في مقابل تكفير محمد ابن عبد الوهاب للصوفية التي ينعتها بالقبورية والشرك ما جعله يرفض مبايعة الخلافة. ومن هنا تواصل الخلاف بين حزب التحرير (المناصر للخلافة) والسلفية (العلمية والجهادية) التي ترفض الاعتراف بخلافتها لتُعلن الخلافة الجديدة مع البغدادي).
لابد ايضا من استحضار العوامل الاستراتيجية التي جعلت العثمانيين يتهمون الانجليز واليهود بتأسيس المذهب الوهابي (دور الجاسوس همفر كما تقول بعض الدراسات) استهدافا وقتها للدولة العثمانية مثلما قاد “لورنس” الثورة العربية الكبرى مع الشريف حسين خدمة للانجليز لاسقاط الخلافة باسم التحرر من “الاستبداد العثماني”.
نفس الموقف تواصل مع السعوديين من حزب نجم الدين اربكان لما تولى الحكم في التسعينات وذهب الى الوحدة الاسلامية مع ايران وشرق آسيا وتواصل الموقف السعودي من تركيا في سنوات الالفين لما تولى اردوغان قبل أن تتقارب المواقف اثر اندلاع الاحداث في سوريا رغم عداء السعودية للقوى التي ساندتها تركيا في مصر وتونس.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock