تدوينات تونسية

ما هو سرّ التعتيم الإعلامي على جريمة اغتيال مهندس الطيران محمد الزواري ؟؟؟

عبد اللّطيف درباله
اغتيال مهندس طيران تونسي على طريق رئيسي وسط مدينة صفاقس.. في وضح النهار.. وبالرصاص الحيّ مباشرة في رأسه وباستعمال كواتم الصوت.. والفرار من مكان الجريمة..
كلّها عناصر كانت تدلّ على جريمة اغتيال منظمة ومحترفة وغامضة وخطيرة.. وكانت تلك العناصر المثيرة صحفيّا يفترض أن تجعل الخبر يحتلّ العناوين الأولى لنشرات الأخبار في كلّ وسائل الإعلام التونسية.. مع تغطيات خاصة ونقاشات واستطلاع آراء المختصين والخبراء والمحللين..
لكن خلافا لذلك فإن الخبر وقع تناوله بطريقة ثانويّة ومحدودة بما همّشه وجعله “غير مهمّ”..!! وكأنّنا نعيش في كولومبيا أو شيكاغو أو البرازيل حيث من المألوف أن يقوم الناس كلّ صباح على رؤية الجثث المصابة بالرصاص مرميّة بالشارع جرّاء حروب العصابات وتصفية الحسابات..!!!
منذ سنوات.. كانت مجرّد محاولة اغتيال رجل الأعمال رضا شرف الدين، المنتمي لحزب نداء تونس.. بنفس الطريقة أي من سيارة لسيارة وبالرصاص.. كانت الموضوع رقم واحد بكلّ وسائل الإعلام وبجميع نشرات الاخبار.. ليلا نهارا.. ولعدّة أيام كاملة.. بالرغم من نجاته..!!!
لكن يبد أن الأمر يختلف.. وأنّ تصنيف الجرائم والضحايا يتمّ بمعايير مختلفة لدى الإعلام التونسي “الموضوعي” و”المهني” و”المحترف” جدّا…!!!
التعتيم الإعلامي.. أو في أحسن الحالات التغطية المحتشمة جدّا لجريمة اغتيال مهندس الطيران محمد الزواري بالرصاص الحي يوم أمس بصفاقس.. تطرح عديد التساؤلات والاحتمالات..!!
فهي تقريبا أوّل عملية اغتيال بالرصاص وبكواتم الصوت تستهدف شخصا بذاته منذ الاغتيال السياسي لشكري بلعيد ومحمد البراهمي رحمهما الله..
وكان المفترض أن تهزّ الجريمة تونس وتضجّ بها وسائل الإعلام حتى ولو لم يكن الشخص الواقع اغتياله شخصية سياسية أو حزبية.. ولم يكن معروفا ومؤثّرا مثل بلعيد والبراهمي.. لأنّ الجريمة في حدّ ذاتها غريبة وخطيرة وغير مسبوقة..
لكنّ وسائل الإعلام التونسية الكبرى البارحة.. من تلفزات وإذاعات.. حاصرت الخبر وبالكاد ذكرته.. وإن ذكرته فبطريقة ثانويّة وبسيطة وسريعة وعابرة وسطحيّة.. رغم أن بعض القنوات والراديوهات كانت تبدأ أحيانا نشرات أخبارها بمجرّد خبر عن حادث مرور توفي فيه شخص أو اثنان.. أو مقتل مواطن في جريمة قتل عادية..!!!
فلماذا تعاملت وسائل الإعلام التونسية هكذا مع اغتيال مهندس الطيران محمد الزواري بالرصاص في صفاقس؟؟
هل لأنّ القتيل محمد الزواري كان ينتمي سابقا إلى الاتجاه الإسلامي (النهضة حاليا) وحكم وسجن لأجل ذلك ثم عاش بالمنفى (في سوريا) ولم يرجع لتونس إلا بعد الثورة وتمتّع بالعفو التشريعي العام.. وقد أصبح مهندسا في الطيران ومختصّا في صناعة الطائرات الصغيرة بدون طيّار ونشر تلك المعرفة والعلم بين الشبّان في نوادي طيران أسّسها بصفاقس؟؟
هل أنّ الإعلام لا يحبّ ولا يرغب في أن يهتمّ بمواطن تونسي وقع اغتياله في جريمة مروّعة وغامضة ومنظّمة فقط لأنّ الضحيّة هو عالم إسلامي التوجّه والانتماء السياسي.. وقد يخلق ذلك “بطولة” أو “شهيدا” إسلاميا جديدا غير مرغوب فيه؟؟؟!!!
أم أنّ الإعلام في تونس لم يهتمّ بجريمة الاغتيال لكونه تلقّى أمرا بعدم إحداث ضجّة قد تشي بفشل أمني أو مخاطر أمنيّة تتعارض مع البروبغندا الرسميّة لأهل السلطة حول تحسّن الأحوال الأمنية بتونس والسيطرة على الأمور.. خاصّة وأنّ الاغتيال تزامن مع استقالة المدير العام للأمن الوطني أمس.. وما توفّر من معلومات بكون تلك الاستقالة الفجئيّة والسريعة كانت نتيجة خلافات مع رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي ومستشاريه في القصر ورغبتهم في التدخّل في تفاصيل العمل الأمني بما يستجيب لمصالحهم ويخدم أهدافهم؟؟
هل أن الإعلام تعمّد تهميش حادثة الاغتيال لعدم إدخال الشكوك في مهنية ونجاعة العمل الأمني وتأثير مجموعة القصر الرئاسي على استقرار الحالة الأمنية العامّة؟ ؟ ؟
أم هل أنّ الإعلام التونسي لا يريد التركيز على حادث الاغتيال حتّى لا يحرج ربّماّ الجهة التي قد تكون تقف وراءه؟؟؟!!!
أم هل أنّ الإعلام التونسي قصد تهميش حادثة اغتيال مهندس الطيران محمد الزواري والتعتيم عليها لحكمة لا نعرفها؟
أم لغاية في نفس يعقوب؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock