تدوينات تونسية

عن الصافي سعيد وأذناب الكلاب…

عبد اللطيف علوي
مقولة صارت تلقى رواجا لدى بعض المتحذلقين، الصافي سعيد ومن والاه…
مقولة : إنّ هؤلاء زعماء كبار، مع الاعتراف الخجول (بل الوقح) بأنّهم كانوا مستبدّين… وهذا في نظرهم لا ينقص من زعامتهم ووطنيّتهم شيئا.. (المقصود طبعا بشار وبورقيبة والقذافي وصدام حسين وعبد الناصر، ولست أدري من أيضا من أصنام النّخبة الانتهازيّة المتثاقفة..).
نفس هذا الكلام سمعته ذات يوم من الشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي، عندما عاب عليّ، ما اعتبره في نظره الصّنمي تهجّما على بورقيبة، قال لي، بثقة من يرى العالم من طرف أنفه : صحيح، كانت هناك أخطاء ارتكبها بورقيبة أو عبد النّاصر… والجميع يخطئ…
أخطاء… مجرّد أخطاء…

هؤلاء المتحوّلون يعتبرون ما حدث طيلة خمسين عاما.. أخطاء مفهومة، مردّها عجز البشر عن الكمال، مجرّد أخطاء..
– اختطاف الدّولة بكلّ مؤسّساتها وشعبها ومنظّماتها وتزوير تاريخ الحركة الوطنيّة… مجرّد أخطاء
– تصفية المناضلين الحقيقيّين والمجاهدين مثلما حدث مع اليوسفيّين… مجرد أخطاء
– شخصنة المؤسسات وتعطيل القوانين الضامنة لحقوق البشر.. مجرد أخطاء
– تركيز الحزب / الدولة، وجعل النّظام مرادفا للدّولة… مجرد أخطاء
– تحطيم أعمار الآلاف وأحلامهم في السّجون، وإزهاق الأرواح بغير حقّ… مجرد أخطاء
– اغتصاب الحرائر والرّجال على أيدي كلاب الدمّ البوليسي… مجرد أخطاء ..
– تفقير الدّواخل، وابتزاز السواحل، وزرع اليأس في قلوب أجيال وأجيال… مجرد أخطاء
– تخريب المرافق العامة والخدمات الحياتية الأدنى للبشر… مجرد أخطاء
– التعذيب الجهنمي والسجن والقتل والسحل والاغتصاب والترويع والتجويع… مجرد أخطاء

لذلك اعتبر الصافي سعيد القذافي زعيما وطنيا، لكنه أخطأ كغيره.. بتلطيف العبارة
إذا كانت كل هذه مجرد أخطاء، فماذا يمكن أن تكون الجرائم؟؟

بعضهم مايزال يؤمن بخرافة المستبدّ العادل، ويصدّق أنّ صدّام حسين خلق دولة قويّة من حيث استعبد شعبها وأذلّه وأذاقه مرّ العذاب…
أفيقوا أيّها السّادة :
الدولة التي ظن صدام حسين أنه جعلها قوية منيعة بفضل قبضته الحديدية، اتّضح مع أوّل عاصفة حقيقية أنها فيل من ورق،… انهارت كقصر من الرمل في لحظات، وسقط كلّ ما فيها بكلّ من فيها، لأنّك -ببساطة- لا تستطيع أن تجعل البلد آمنا بمواطن خائف، أو قويّا بمواطن مهزوم، أو حرّا بمواطن داخله مستعبد… حرّية المواطنين هي التي تصنع حرّية الدّول، وليس العكس…
هؤلاء المثقفون المحنّطون، أولى بهم أن يلقوا أفكارهم حيث يتخلّصون من فضلاتهم، وأن يشدّوا السّيفون إلى أسفل، علّهم يتطهّرون من تاريخهم الرّذيل…
القذافي الذي ضرب شعبا كاملا بالجدريّ لمدة 42 سنة، بلايين المليارات من النفط والغاز، والليبيّ البائس لا يجد في بلاده ما يشفي الزّكام وأبسط الأمراض، فيضطرّ إلى البحث عن العلاج في تونس أو مصر…
أيّها الأذناب المتآكلة : إن كنتم ترون كلّ ذلك مجرّد أخطاء، فإنّ الدّم لا يفديه إلاّ الدّم، وإنّ الشّرف لا يجبره إلاّ الشّرف، وإنّ قهر الرّجال واستعباد النّاس، لا يمكن أن يبقى بعده أيّ فضل لأيّ كلب حاكم، حيّا كان أو ميّتا، ولعنة الله على أذناب الكلاب…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock