تدوينات تونسية

النّهضة و النّخبة : الصراع المُزمن

نضال السالمي
ماذا نفعل للنّخبة إذا كان أعظم شهدائنا على الإطلاق محمد الزّواري ذو أصول نهضاويّة.. وآستُشهد على دين الإسلام قائدا من قيادات المقاومة المسلّحة ضدّ الإرهاب الصهيوني ؟؟
ماذا نفعل إن كانت النّهضة تحلّق عاليا جدا مرّة أخرى ؟؟
ماذا نفعل إذا كان الله قد آختار النّهضة مرّة أخرى ليكون شهيد العلم.. شهيد المقاومة.. شهيد الوحدة الوطنيّة من المحسوبين عليها.. هو الّذي بدأ حياته شابّا ينشط في النّهضة وآنهاها قائدا من قيادات الصفّ الأوّل في مشروع المقاومة الفلسطينيّة.. وكأنّه يقول لنا : الحركة الإسلامية الوطنيّة جسم واحد.. من نهضة تونس إلى حماس فلسطين.. تتغيّر الأسماء لكنّ المعاني واحدة ؟؟؟
ماذا نفعل إن كانت بسمة البلعي فيروز المأساة، الشّهيدة الحيّة.. ساحرة هذا الوطن بعجائب صمودها وقوّة إيمانها.. هي الأخرى نهضاويّة حدّ النّخاع ؟؟
ماذا نفعل للنّخبة -من باب العزاء لهم- إذا كان للنّهضة زهاء المئة شهيد تحت التّعذيب زمن الإستبداد.. آرتقوا لله مظلومين صامدين مُستبشرين بنعمة من الله ورضوانا لا يطلبون النّاس جزاء ولا شكورا ؟؟
بماذا نُعزّي نخبتنا إذا كان الضّحايا في الجلسات العلنيّة لهيئة الحقيقة والكرامة أغلبهم من النّهضة.. وأنّ تقريبا كلّ الشهادات المؤثرة جدا محسوبة على صفّ النهضة: سامي براهم – بسمة البلعي – منجية بلعابد – حميدة عجنقي – سالم كردون.. إلخ ؟؟
بماذا نعزّي النّخبة إن كان للنّهضة علماء حقيقيّين من أمثال المرحوم منصف بن سالم أحد الكوادر العالمية في الرياضيات والفيزياء.. وصل به الأمر لبيع المعدنوس كي لا يخضع لجبروت بن علي ؟؟
أعرف جدّا أن نخبتنا والكثير من سياسيّينا وأحزابنا يعانون مرضا حقيقيّا بهذه الكارثة الّتي حلّت عليهم : آستشهاد رجل عظيم.. قامة في العلم.. ورمز من رموز المقاومة.. ومحسوب على النّهضة..
هؤلاء النّخبة الّذين سارعوا منذ الثّواني الأولى لجعل أناس عاديّين يموتون في ظروف غامضة شهداء من أعلى درجة.. دون أن نعرف لبعضهم خصالا أخرى غير شتم جزء كبير من التونسيين والمزايدة عليهم بالعنتريات الفارغة والدّعوات المتكررة للعداء والإستئصال (رحمهم الله على كلّ حال) ؟؟
النّهضة والإسلام السياسي عموما.. يقدّم اليوم شهيدا من طينة أخرى.. ولطالما كانت النّهضة مركزا حقيقيّا للمعاناة والمقاومة.. فقد قاومت جماهيرها الإستبداد لربع قرن.. وأرسلت الكثير من طاقاتها هناك.. ليعود منهم محمد الزواري شهيد العصر.. وجسرا جديدا صوب الأمل.. هناك حيث مسجد الأقصى يلمع كبريق من الألماس من بين ظلمات الأوطان الغارقة في الإنحطاط.
أيّتها النّخبة التونسيّة: تقبّلوا منّي فائق عبارات العزاء والشّفقة.. والخزي والعار عليكم في الدّنيا والآخرة.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock